قبل دخول المواجهات على الحدود الجنوبية بين المقاومة وتل أبيب شهرها الثامن، كان الجنوبيون ولا سيما النازحون يتابعون بحذر شديد مسار المفاوضات غير المباشرة بين “#حماس” وتل أبيب وسط تفاؤل بقرب عودتهم إلى ديارهم. فكيف تفاعل هؤلاء مع المفاوضات والتسريبات بشأنها.
بعد 8 تشرين الأول الفائت ونزوح آلاف الجنوبين عن بلداتهم الحدودية، ظهرت مجموعات لكل بلدة على وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعة أخبار المواجهات، وكذلك للتواصل بين أبناء البلدات الذين تفرقوا ما بين الساحل والنبطية وصولاً إلى العاصمة وضواحيها.
” تفاعل لافت على المجموعات والنسخ سيد الأخبار”
تميزت مجموعات التواصل للبلدات الحدودية بكثافة المشاركين فيها وانتشارها على صعيد واسع، وباتت تمثل في معظم الأحيان مصدراً للأخبار يعتمدها الصحافيون الذين يغطون الأحداث على الحدود، وكذلك ترتكز على محتواها محطات تلفزيونية ومواقع إلكترونية… فمن تبقى من أبناء البلدات الحدودية، بات مصدراً موثوقاً، فيقوم بعض الناشطين بتصوير مكان الغارات ال#إسرائيلية وكذلك القصف وتصوير السيارات التي تستهدفها المسيّرات الإسرائيلية.
واللافت أن انتشار الأخبار الموزعة من مجموعات التواصل الخاصة بالبلدات الجنوبية يتم بشكل سريع، نظراً لوجود أعضاء مشتركين بين أكثر من مجموعة، والمضحك أحياناً أن تلك الأخبار تصل إلى مجموعات خارج الحدود، وأن صحافيين إسرائيليين ينقلون تلك الأخبار ومن ثم ترسلها وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن لبنان.
لكن القصة لا تنتهي هنا، حيث إن وسائل إعلام لبنانية تعود وتنقل الأخبار عن الإسرئيليين.
ومن طرائف ذلك أن الخطأ يعمم ويتم تناقله ويُبنى عليه. ففي أواخر الشهر الفائت وتحديداً في 25 منه، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر غارة إسرائيلية على صهريج في بعلبك بالقرب من سهل دورس.
الخبر الأولي كان أن صهريجاً ينقل مادة المازوت قد أصيب ونجا سائقه، وبعد ذلك نُسجت روايات إلى أن خلصت إلى استنتاج أن غارة من مسيّرة استهدفت الصهريج، ولكن لم يُصب بشكل مباشر.
سارع الإعلام العبري بنقل الخبر عن وسائل التواصل الاجتماعي ومن دون أن يذكر ذلك. وبدورها عمدت مجموعات التواصل إلى نقل الخبر عن الإعلام الإسرئيلي لتثبت صحة روايتها. لكن بعد فحص المكان وخلفيات ما حدث، تبين أن خلافات بين تجار ومهربين كانت خلف الحادث، ولم يكن هناك أي استهداف من مسيرة أو طائرة حربية إسرئيلية. والأمثلة على النسخ السريع من دون تدقيق كثيرة على مجموعات التواصل.
” ترقب لل#هدنة… وتحليلات وأمل بالعودة”
مجموعات التواصل الخاصة بالبلدات الحدودية لا تنقل فقط الأخبار المحلية، وإنما ترصد مواقع إخبارية لبنانية وعربية وعالمية، ونتائج ذلك الرصد تكون بنشر الأخبار لأفراد المجموعة، وهؤلاء بدورهم يرسلونها إلى مجموعات أخرى، وهكذا يتم تداول ونقل الأخبار.
لكن ذلك لا يخلو من إضافة تحليلات وتعليقات لأعضاء المجموعات على وسائل التواصل، ما يساهم بتفاعل كبير من أعضاء المجموعات، وخصوصاً إذا كان الخبر أو التحليل يتصل بالهدنة والمفاوضات.
فأخبار المفاوضات تتصدر ومنذ أيام مجموعات التواصل، وأكثر المهتمين بتلك المفاوضات بعد الفلسطينيين هم أبناء البلدات الحدودية الذين نزحوا عن ديارهم، أو الذين عادوا إلى تلك البلدات وإن بأعداد قليلة ومن دون إيعاز رسمي أو حزبي.
فخبر التقدم في المفاوضات يستحوذ على اهتمام كبير من المتابعين، ولكن اللافت أن الدعاء لا يفارق أي تعليق على خبر التقدم في المفاوضات وإمكانية التوصل قريباً الى هدنة. المتفاعلون مع الخبر يتقاطعون على جملة واحدة “إن شاء الله نرجع إلى بيوتنا، والله زهقنا”.ط
يستمر التفاعل الإيجابي إلى أن يرسل أحدهم خبراً متشائماً يفيد بتعثر المفاوضات.
لا تكاد تمر ثوانٍ قليلة، حتى تزدحم مجموعة التواصل بكل أنواع الغضب بدءاً من الرسومات التي تعبر عن الحزن والأسف وصولاً إلى الدعاء بكل ما هو مضرّ للذي تسبب بتعثر المفاوضات.
تستمر الحال على ذلك المنوال إلى أن يصل خبر جديد مغاير للخبر الذي أثار موجة تشاؤم، ليعود التفاؤل إلى مكانه سالماً لتعود الحكاية لتتكرر من جديد.
في المحصلة يتكرس الانطباع أن المتفاعلين من #النازحين الجنوبيين على مجموعات التواصل يتمنون وقف الحرب والعودة إلى منازلهم حتى ولو كانت مدمرة.