دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الفلسطينيين، اليوم، إلى “الوحدة” بمواجهة إسرائيل، في ختام لقائه رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في إسطنبول.
ورأى إردوغان، بحسب بيان للرئاسة التركية، أنّه “من الحيوي أن يتحرّك الفلسطينيون موحدين في هذه العملية. الردّ الأقوى على إسرائيل والطريق الى النصر يتطلبان الوحدة والنزاهة”.
بعد التوترات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، أكّد إردوغان أنّ “ما حصل ينبغي ألّا يشكل مكسباً لإسرائيل، ومن الأهمية بمكان التحرك في شكل يبقي الانتباه مصوباً على #غزة“.
كذلك، نقل البيان عن الرئيس التركي أن أنقرة “ستواصل مساعدتها الإنسانية لفلسطين بهدف التخفيف قدر الإمكان من معاناة” السكان في غزة. وتركيا في مقدّم الدول التي أرسلت مساعدات إلى سكان القطاع المدمّر، وتمكنت من إيصال 4500 طن من المواد الغذائية والأدوية.
وذكّر إردوغان أيضاً بأنّ بلاده فرضت “عدداً من العقوبات على إسرائيل، بينها قيود تجارية” منذ التاسع من نيسان.
وحضر الاجتماع مع هنية والوفد المرافق الذي ضم أحد أبرز قادة “حماس” خالد مشعل، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالين.
من جهته، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس اللقاء بين إردوغان وهنية وكتب على منصة “إكس” باللغتين الإنكليزية والتركية: “تحالف الإخوان المسلمين: عمليات اغتصاب، جرائم، (…) إردوغان عار عليك”.
وردّ عليه المتحدث باسم الخارجية التركية اونجو كيسيلي عبر “إكس”: “على السلطات الإسرائيلية أن تشعر بالعار. لقد ذبحت نحو 35 ألف فلسطيني معظمهم نساء واطفال”.
واللقاء بين إردوغان وهنية هو الأول لهما وجهاً لوجه منذ تموز 2023. وقد وصل هنية مساء الجمعة على رأس وفد من “حماس” إلى اسطنبول وهي من بين أماكن إقامته منذ عام 2011، والتي لم يزرها رسمياً سوى في كانون الثاني الماضي، منذ بدء الحرب في غزة. والتقى حينذاك وزير الخارجية التركي الذي اجتمع معه مطولاً الأربعاء في الدوحة.
حدود 1967
قال فيدان خلال زيارته للدوحة الأربعاء، إنّ ممثلي “حماس” كرّروا له أنهم “يقبلون بإنشاء دولة فلسطينية ضمن حدود 1967″، وبالتالي، ضمنياً وجود دولة إسرائيل “والتخلي عن الكفاح المسلح بعد إنشاء الدولة الفلسطينية”.
وأوضح فيدان أنّ “حماس لن تحتاج بعد ذلك إلى وجود جناح مسلح وستستمر في الوجود كحزب سياسي”، معرباً عن سعادته بتلقّي مثل هذه الرسالة. ونقل الوزير التركي أيضاً لمحاوريه “مخاوف الغربيين” الذين يعتبرون “حماس” حركة إرهابية “ويشبهونها بداعش”.
توفّر تركيا التي تُقدّم نفسها على رأس مؤيدي القضية الفلسطينية، دعماً قوياً ومستمرّاً لقادة “حماس”، لكنّها وجدت نفسها مستبعدة من الوساطة بين إسرائيل والحركة الفلسطينية. وتأتي زيارة هنية في وقت قالت قطر التي تقوم بدور محوري في المفاوضات بين إسرائيل و”حماس”، إنها تريد “تقييم” دورها وبينما تراوح المفاوضات التي تهدف إلى التوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، مكانها.
شعر المفاوضون القطريون بالاستياء خصوصاً من الانتقادات الإسرائيلية وانتقادات بعض الديموقراطيين الأميركيين. لذلك يمكن لتركيا الإفادة من ذلك لمحاولة استئناف الوساطة على أساس علاقاتها الجيدة مع “حماس”.
لكن سنان تشيدي، الباحث المشارك في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ومقرّها واشنطن، لا يتوقّع أكثر من دور “محدود جدّاً” لإردوغان إلى جانب وسطاء آخرين، بسبب الرفض الذي يثيره من إسرائيل.
ورأى الخبير نفسه أنّ إردوغان “لن يلقى ترحيباً”، مذكّراً بأنّ الرئيس التركي وصف بنيامين نتنياهو بـ”النازي” وإسرائيل بأنها “دولة إرهابية”. وأضاف: “يمكن على أبعد حدّ، دعوته لتمرير رسائل بين المفاوضين الفلسطينيين وإسرائيل”.
واعتبر تشيدي أنّ أنقرة “لا تملك القدرة” على التأثير على “حماس” في شأن مصير الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة منذ اختطافهم في السابع من تشرين الأول.
“تقليص التوترات”
مساء السبت، استقبل اردوغان وزير الخارجية المصري سامح شكري، وشدّد على ضرورة أن تعمل الدولة الاسلامية “معاً” بهدف “تقليص التوترات بين إسرائيل وإيران وتجنّب أن تشهد المنطقة برمّتها دوامة من النزاعات”، وفق بيان للرئاسة التركية.
وفي وقت سابق، التقى فيدان نظيره المصري وشدّدا معاً على أهمية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، مؤكّدين “خطورة” الوضع في الأراضي الفلسطينية. وقال شكري آسفاً إنّ “الأحداث الأخيرة (بين إسرائيل وإيران) قد صرفت انتباه المجتمع الدولي عن الظروف المأسوية في غزة”.
وصرّح فيدان من جهته أنّه “لا ينبغي للدول الأخرى أن تقول إنّ (الوضع) يتعلّق بالشرق الأوسط وحده. كلّ ما يتعلّق بفلسطين يؤثّر على خطوط الصدع العالمية”.
نقلا عن “النهار” – “أ ف ب”